فصل: المقصد الأول في ترتيب نياباتها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **


 الطرف السادس من الفصل الثاني من الباب الثالث من المقالة الثانية في ذكر أحوال المملكة الشامية

وفيه مقصدان

  المقصد الأول في ترتيب نياباتها

على ما هي مستقرة عليه قد تقدم أن الممالك المعتبرة بالبلاد الشامية ست ممالك في ست قواعد وكل مملكة منها قد صارت نيابة سلطنة مضاهيةً للمملكة المستقلة‏.‏

النيابة الأولى نيابة دمشق وفيها ثلاث جمل الجملة الأولى في ذكر أحوالها في المعاملات ونحوها أما الأثمان المتعامل بها فيها فعلى ما تقدم في الكلام على معاملات الديار المصرية من المعاملة بالدنانير المصرية ونحوها وزناً و الدنانير الافرنتية عداً والدراهم النقرة وزناً لا تختلف النقود في ذلك إلا أن الصنجة في أوزان الذهب بالديار المصرية تخالف الصنجة الشامية في ذلك فتنقص الصنجة الشامية عن الصنجة المصرية كل مائة درهم درهمٌ والمعاملة فيها بفلوس صغار وكان يتعامل بها في الديار المصرية في الزمن الأول قبل ضرب الفلوس الجدد حساباً عن كل درهم أربعة وستون فلساً وكل أربعة فلوس منها يعبر عنها عندهم بحبة ثم راجت الفلوس الجدد عندهم بعد سنة ثنتين وثمانمائة‏.‏

إلا أن كل بدرهم بخلاف ما تقدم في الديار المصرية من أن كل أربعة وعشرين فلساً منها بدرهم‏.‏

وأما رطلها الذي يعتبر به موزوناتها فستمائة درهم بدرهمهم المتقدم تقديره وأواقيه اثنتا عشرة أوقية كل أوقية خمسون درهماً‏.‏

وأما كيلها الذي يعتبر به مكيلاتها فبالغرارة وهي اثنا عشر كيلاً كل كيل ستة أمداد ينقص قليلاً عن ربع الويبة المصري ونسبة الإرداب من الغرارة أن كل غرارة ومد ونصف ثلاثة أرداب بالكيل المصري تحريراً على الدمشقي‏.‏

ثم قال‏:‏ لكن كيل دمشق ورطلها هو المعتبر وإليه المرجع‏.‏

وأما قياس قماشها فبذراع يزيد على ذراع القماش بالقاهرة بنصف سدس ذراع وهو وأما قياس أرض الدور بها وما في معناها فإنه يعتبر بذراع العمل المتقدم الذكر في الديار المصرية‏.‏

وأما سعرها فقال في مسالك الأبصار‏:‏ سعر اللحم بها أرخص من مصر و الدجاج والإوز أغلى من مصر وكذلك السكر ولم يتعرض لغير ذلك‏.‏

ولا خفاء في أن الفاكهة فيها ارخص من مصر بالقدر الكبير والقمح و الشعير والباقلاء نحو من سعر مصر وذلك كله عند اعتدال الأسعار‏.‏

أما حالة الغلاء فيختلف الحال بحسبه‏.‏

الجملة الثانية في ترتيب مملكتها وهي ضربان الضرب الأول في ترتيب حاضرتها أما جيوشها فعلى ما تقدم في الديار المصرية في اجتماعها من الترك والجركس والروم و الروس والآص وغير ذلك من الأجناس المضاهية للترك في الزي ويزيد بها التركمان المتميزون عن صفة الترك وزيهم وجندها مقسمون إلى ما تقدم في الديار المصرية‏:‏ من الأمراء المقدمين والطبلخانات والعشرات ومن بين المقدمين و الطبلخانات‏:‏ كأمراء السبعين و الخمسين وما بين العشرات والطبلخانات كالعشرينات ونحوهم وكذلك مقدمو الحلقة وجندها ولا وجود فيها للمماليك السلطانية لأنهم لا يكونون إلا بحضرة السلطان‏.‏

وقد أخبرني من له خبرة بحال مملكتها أن الأمراء المقدمين بها كانوا في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون عشرةً غير النائب بها وربما نقضوا الآن عن ذلك وأن أمراء الطبلخانات بها كانوا إذ ذاك أربعين وأنهم الآن نيف وخمسون وأن أمراء العشرات كانوا بها ألفين ومائة وخمسين بما فيهم من البحرية‏.‏

وأما إقطاعاتها - فقال في مسالك الأبصار‏:‏ إن إقطاعاتها لا تقارب إقطاعات مصر بل تكون على الثلثين منها إلا في أكابر الأمراء المقربين بحضرة السلطان فإن إقطاعاتهم خارجةٌ عن العادة فلا يعتد بها‏.‏

قال‏:‏ ولا أعرف بالشأم ما يقارب ذلك غلا ما هو لنائب دمشق‏.‏

وأما بيوتاتها السلطانية - فقال في مسالك الأبصار‏:‏ بها خزانة تخرج منها الإنعامات و الخلع وخزائن سلاح وزردخاناه وبيوت تشتمل على حاشية سلطانية مختصرة حتى لو جهز السلطان إليها جريدةً وجد بها من كل الوظائف القائمة بدولته‏.‏

قال‏:‏ وكل أمير أمر فيها أو في غيرها من الشام أو رب وظيفة ولي وظيفة من عادة متوليها لبس خلعة أو خدم أحدٌ خدمة في مهم من المهمات أو أمر من الأمور يستوجب خلعة أو إنعاماً ولم يخلع عليه من مصر كان من دمشق خلعته وإنعامه ومنها تخرج أعلام الإمرة وطلائعهن وشعار الطبلخاناة‏.‏

وفي خزائن السلاح بها تعمل المجانيق والسلاح ويحمل إلى الشام وتعمر به البلاد والقلاع ومن قلعتها تجرد الرجال وأرباب الصنائع إلى جميع قلاع الشام وتندب في التجاريد و المهمات‏.‏

قلت‏:‏ أما باقي البيوت كالفراش خاناه و والإصطبلات السلطانية وما شاكلها فلا وجود لها فيها مما ينسب إلى السلطان بل يكون ذلك للنائب قائماً مقام السلطان لأنه في الحقيقة السلطان الحاضر وكان بها مطابخ السكر السلطانية فأضيفت إلى من يتحدث في الأغوار من النائب أو غيره من الأمراء الأكابر‏.‏

الضرب الثاني في بيان أرباب الوظائف بدمشق على تباين مراتبهم ووظائفها المعتبرة على خمسة أصناف الصنف الأول وظائف أرباب السيوف وهي مضاهية لوظائف أرباب السيوف بالحضرة السلطانية في كثير منها وهي عدة وظائف‏:‏ منها نيابة السلطنة بها - وهي أجل نيابات المملكة الشامية وأرفعها في الرتبة ونائبها يضاهي النائب الكافل بالحضرة السلطانية في الرتبة والألقاب و المكاتبة ويعبر عنه في المكاتبات السلطانية وغيرها بكافل السلطنة الشريفة بالشام المحروس ويكتب له من الأبواب السلطانية تقليدٌ شريفٌ من ديوان الإنشاء الشريف وهو قائم بدمشق مقام السلطان في أكثر الأمور المتعلقة بنيابته ويكتب عنه التواقيع الكريمة ويكتب عنه المربعات بتعيين إقطاعات الجند وتجهز إلى الأبواب الشريفة فيشملها الخط الشريف السلطاني ويترتب حكم المربعات المصرية و المناشير على حكمها كما سيأتي في الكلام على المناشير في موضعها عن شاء الله تعالى وهو يكتب على كل ما يتعلق بنيابته من المناشير و التواقيع و المراسيم الشريفة بالاعتماد ومعه يكون ناظر البيمارستان النوري بدمشق كما يكون نظر البيمارستان المنصوري بالقاهرة مع أتابك العساكر وكذلك يكون معه نظر الجامع الأموي بها‏.‏

ومنها نيابة القلعة بها - وهي نيابة منفردة عن نيابة السلطنة ليس لنائب السلطنة عليها حديث وولايتها من الأبواب السلطانية بمرسوم شريفٍ يكتب من ديوان الإنشاء الشريف‏.‏

قال في التثقيف‏:‏ وكان عادة نائبها في الأيام المتقدمة مقدم ألف ثم استقرت بعد ذلك طبلخاناه وهي على ذلك إلى الآن‏.‏

ومن شانه حفظ القلعة وصونها ولا يسلم مفتاحها لأحد إلا لمن يتولاها مكانه أو لمن يأمره السلطان بتسليمه له‏.‏

ولنائبها أجناد بحرية مقيمون في القلعة لخدمته ولا يحضر هو ولا أحدٌ منهم دار النيابة بالمدينة ولا يركبون في الغالب‏.‏

وقد اخبرني بعض أهل المملكة أن بالقلعة طبلاً مرتباً لاستعلام أوقات الليل إذا أذن للعشاء الآخرة ضرب عليه عند مضي كل أربع درج ضربة واحدة إلى أن ينقضي ثلث الليل الأول‏.‏

فإذا دخل الثلث الثاني ضرب عليه عند مضي كل أربع درج ضربتين إلى انقضاء الثلث الثاني‏.‏

فإذا دخل الثلث الثالث ضرب عليه عند مضي كل أربع درج ثلاث ضربات إلى أن يؤذن للصبح‏.‏

قال‏:‏ وهكذا شأن ومنها الحجوبية - وكان بها في الأيام الناصرية ابن قلاوون فيما يقال ثلاثة حجابٍ أحدهم حاجب الحجاب ويعبر عنه في ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية بأمير حاجب وعادته أن يكون مقدم ألف من الزمن القديم وهلم جراً وهو الرتبة الثانية من النائب ومن شانه الجلوس بدار العدل ولا يقف كما يقف حاجب الحجاب بين يدي السلطان بالديار المصرية وإذا خرج النائب عن دمشق في مهم أو غيره كان هو نائب الغيبة عنه‏.‏

وإذا برز مرسوم السلطان بالقبض على نائب السلطنة بها كان هو الذي يقبض عليه ويفعل فيه ما يؤمر به من سجن أو غيره ويقوم بأمر البلد إلى أن يقام نائب آخر‏.‏

والحاجبان الآخران طبلخانتان أو طبلخاناه وعشرة وربما كانوا أربعة‏:‏ حاجب الحجاب وثلاث طبلخانات أو طبلخانتان وعشرون أو عشرة أو غير ذلك ورتبهم في المواكب أن يكون حاجب الحجاب والذي يليه في الرتبة ميمنة والثاني ميسرة‏.‏

ثم صاروا في الأيام الظاهرية برقوق خمسة أو ستة‏.‏

ولم تجر العادة بأن يكتب لأحد منهم مرسومٌ شريف من الأبواب الشريفة عند ولايته ولا مدخل للنائب بها في كتابة ما يوقع لأحد منهم‏.‏

ومنها شد المهمات - وهي رتبة جليلة وموضوعها التحدث في أمور الاحتياجات السلطانية وتارة لنائب السلطنة بدمشق وتارة لحاجب الحجاب وتارة لبعض الأمراء المقدمين و ومنها نقابة القلعة بها - وهي إمرة عشرة بمرسومٍ شريف يكتب له من الأبواب الشريفة‏.‏

ومنها نقابة النقباء - وهما نقيبان‏:‏ نقيبٌ للميمنة ونقيبٌ للميسرة‏.‏

ومنها الخزندارية - وموضوعها التحدث على الخلع و التشاريف السلطانية بالقلعة وعادتها أربعة طواشية خصيانٌ بعضهم أعلى بعض أحدهم في رتبة أمير طبلخاناه أو أمير عشرين والثاني دونه والثالث دونه والرابع دونه وكل منهم له توقيع كريم من نائب السلطنة بدمشق على قدر رتبته‏.‏

ومنها نقابة الجيش - وفيها نفر أكبرهم يعبر عنه بنقيب النقباء تارة يكون أمير طبلخاناه وفي غالب الأوقات أمير عشرة ودونه اثنان من جند الحلقة‏.‏

ويكتب لكل منهم توقيع كريم عن النائب على قدر رتبته‏.‏

ومنها شد الدواوين - وموضوعها التحدث في استخراج الأموال السلطانية رفيقاً للوزير كما في الديار المصرية وكانت في الأيام المتقدمة إمرة طبلخاناه ثم استقرت إمرة عشرة‏.‏

وهي الآن جندي من أجناد الحلقة ويكتب لمتوليها توقيع كريم عن النائب‏.‏

ومنها شد الأوقاف - وموضوعها التحدث على أوقاف المسلمين بدمشق وعادتها إمرة عشرة وربما كانت طبلخاناه ويكتب لمتوليها توقيع كريم عن النائب‏.‏

ومنها شد الزكاة - وموضوعها التحدث على متجر الكارم ونحوه وكانت في الزمن المتقدم إمرة عشرة وهي الآن جندي ويكتب لمتوليها توقيع كريم عن النائب‏.‏

ومنها شد العشر - وموضوعها التحدث في واصل الفرنج وكانت إمرة عشرة وهي الآن جندي ويكتب لمتوليها توقيع كريم عن النائب‏.‏

ومنها شد الطعم - وهي بمثابة الوكالة بالديار المصرية وولايتها عن النائب بتوقيع كريم وعادتها إمرة عشرة أو مقدم حلقة أو جندي ويكتب بها توقيع كريم عن النائب‏.‏

ومنها ولاية المدينة - وموضوعها التحدث في أمر الشرطة كما في سائر الولايات وعادتها إمرة عشرة وربما وليها جندي ويكتب بها توقيع كريم عن النائب‏.‏

ومنها المهمندارية - وموضوعها تلقي الرسل الواردين في أمور أخرى كما في الديار المصرية‏.‏

وقد أخبرني بعض أهل المملكة أنه كان بها في الأيام الناصرية ابن قلاوون في نيابة الأمير تنكز مهمندارٌ واحدٌ مقدم ألف ثم استقرت في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين نفرين وهي على ذلك إلى زماننا وهما الآن أمير عشرة وجندي ويكتب لكل منهما توقيع كريم عن النائب على قدر رتبته‏.‏

ومنها أميراخورية البريد - وموضوعها التحدث على خيول البريد بدمشق ونواحيها‏.‏

وأخبرني ومنها تقدمة البريد - وموضوعها التحدث على جماعة البريدية بدمشق‏.‏

وأخبرني بعض أهل المملكة أنها كانت في الأيام الناصرية ابن قلاوون منحصرةً في واحد من جملة البريدية ثم استقر فيها الآن اثنان إما إمرة عشرة وإمرة خمسة أو إمرة خمسة وجندي أو نحو ذلك ويكتب لكل منهما توقيع كريم عن النائب على قدر مرتبته‏.‏

ومنها شدود صغار متعددة يولى بها أجناد بتواقيع لهم عن النائب‏:‏ كشد دار البطيخ و الفاكهة وشد المسابك من الحديد والنحاس و الزجاج وغير ذلك وشد المواريث الحشرية ونحو ذلك‏.‏

وكان لمطابخ السكر شد مفرد يولى بتوقيع كريم عن النائب ثم استقر ذلك مضافاً لمن يتحدث على الأغوار من النائب أو غيره‏.‏

قلت‏:‏ أما سائر أرباب الوظائف من الأمراء المستقر مثلهم بالحضرة السلطانية كرأس نوبة وأمير مجلس وأمير سلاح وأمير اخور وأمير جاندار وأستادار المباشرة وأستادار الصحبة وشاد الشراب خاناه والجاشنكرية ومقدم الممالك ونحوهم فلا وجود لهم هناك‏.‏

وإنما يكون للنائب مثلهم من أجناده كغيره من سائر الأمراء‏.‏

الصنف الثاني الوظائف الديوانية وهي عشر وظائف منها الوزارة - وهي تارة تعلو رتبة صاحبها بأن يكون جليل القدر كما إذا كان قد تقدمت له ولاية وزارة بالديار المصرية أو نحو ذلك فيصرح له بالوزارة وتارة تقصر رتبته عن ذلك فيطلق عليه ناظر المملكة الشامية ولا يسمح له من ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية باسم الوزارة وإن كان الجاري على ألسنة العامة إطلاق لفظ الوزير عليه‏.‏

وكيفما كان فإنما يوليه السلطان من الأبواب الشريفة إن كان وزيراً كتب له تقليد وإن كان ناظر المملكة كتب له مرسوم‏.‏

قلت‏:‏ وقل أن يليها أرباب السيوف فإن وقع ذلك احتاج معه إلى ناظر مملكة كما يكون ناظر الدولة مع الوزير رب السيف بالديار المصرية‏.‏

ومنها كتابة السر - ويعبر عن متوليها في ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية بصاحب ديوان الإنشاء بالشام المحروس ولا يقال فيه‏:‏ صاحب دواوين الإنشاء كما في الديار المصرية‏.‏

على أنها تضاهي كتابة السر في الديار المصرية‏.‏

وكيفما كان فإنما يولى من الأبواب السلطانية بتوقيع شريف ويحترز السلطان فيها على أن يكون كاتب السر من خاصته الموثوق بهم ليطالعه بخفيات أمور المملكة وما يحدث بها مما لعل النائب قد يخفيه عن السلطان‏.‏

وبديوانه كتاب الدست وكتاب الدرج كما بالديار المصرية ويقال عنه كان عدة كتاب الدست في الأيام الناصرية ابن قلاوون نفرين وكتاب الدرج جماعة يسيرة ثم زاد الأمر كما في الديار المصرية‏.‏

وأخبرني بعض أهل دمشق العارفين بأحوال المملكة أن كاتب السر في الزمن المتقدم لم يكن يحضر دار العدل مع النائب وإنما كان يحضر كتاب الدست فقط فيوقعون بما يحتاج إليه في المجلس وينصرفون إلى كاتب السر فيخبرونه بما اتفق وكاتب السر يجتمع بالنائب في أوقات مخصوصة فيما يتعلق بالأمور السلطانية فقط وكان كاتب السر ربما داجى عليه الموقعون فيما يقع بدار العدل فيلحقه بعض الخلل‏.‏

فلما ولي كتابة السر القاضي سعى السعي العظيم حتى أذن له في الحضور بدار العدل والتوقيع فيه واستمر ذلك إلى الآن‏.‏

ومنها نظر الجيش - وموضوعه التحدث في الإقطاعات‏:‏ إما في كتابة مربعات تكتب بما يعينه النائب من الإقطاعات المتوفرة عن أربابها بالموت ونحوها وتكميلها بخطوط ديوانه ويجهزها النائب إلى الأبواب الشريفة ليشملها الخط الشريف السلطاني وتحمل إلى ديوان الجيوش بالديار المصرية فتجعل شاهداً مخلداً فيه وتكتب منه مربعة بمقتضاها يخرج المنشور على نظيرها كما تقدمت الإشارة إليه وإما في إثبات المناشير الشريفة التي تصدر إليه من الأبواب السلطانية بديوانه حفظاً لحسبانات المقطعين‏.‏

وليس بالشام كتابة مناشير أصلاً بل ذلك مختص بالأبواب السلطانية فإن كان فيه كتابة الدست وقع بدار العدل في جملة الموقعين وإلا فلا وإذا كان موقعاً جلس مجلس ناظر الجيش وإن كان متأخراً في القدمة عن غيره من الموقعين وولاية هذا الناظر من الأبواب الشريفة السلطانية بتوقيع شريف وبديوانه عدة مباشرين من صاحب ديوان وكتاب وشهود ولايتهم عن النائب بتواقيع كريمة‏.‏

وناظر الجيش هو الذي يحكم في المحاكمات الديوانية كما يحكم فيها مستوفي المرتجع بالديار المصرية‏.‏

ومنها نظر المهمات الشريفة - وهي وظيفة جليلة يكون متوليها من أرباب الأقلام رفيقاً لشاد المهمات المتقدم ذكره من أرباب السيوف‏:‏ من النائب أو حاجب الحجاب أو غيرهما‏.‏

وهي تارة تضاف إلى الوزارة وتارة تفرد عنها بحسب ما يراه السلطان‏.‏

وولايتها من الأبواب السلطانية بتوقيع شريف‏.‏

وبهذا الديوان عدة مباشرين من كتاب وشهود فيوليهم النائب بتواقيع كريمة‏.‏

ومنها نظر الخاص - وموضوعه هناك التحدث فيما يتعلق بالمستأجرات السلطانية وغيرها من الأغوار وما يجري مجراها وربما أضيف نظرها للوزير‏.‏

ومنها نظر الخزانة ويعبر عنها بالخزانة العالية‏.‏

ومتوليها يكون رفيقاً للخازندارية من الطواشية المتقدم ذكرهم فيكون متحدثاً في أمر التشاريف و الخلع وما معها وهي وظيفةٌ جليلةٌ يوليها النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها نظر البيمارستان النوري - وقد صار النظر عليه معدوقاً بالنائب يفوض التحدث فيه ومنها نظر الجامع الأموي - وفي الغالب يكون مع قاضي القضاة الشافعي‏.‏

ومنها نظر خزائن السلاح - وموضوعها كما في الديار المصرية وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها نظر البيوت - وموضوعها على ما تقدم في الديار المصرية وولايتها عب النائب بتوقيع كريم‏.‏

وأخبرني بعض الدمشقيين أن هذه الوظيفة اسم على غير مسمى لا حقيقة لها ولا مباشرة لعدم البيوت السلطانية هناك‏.‏

ومنها نظر بيت المال - وحكمها كما في الديار المصرية‏.‏

ومنها نظر ديوان الأسرى - وهو التحدث في الأوقاف التي تفدى بها الأسرى‏.‏

ومنها نظر الأسواق - وموضوعها كما تقدم في الديار المصرية من التحدث على سوق الرقيق و الخيل ونحوها وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها نظر مراكز البريد - ومتوليها يكون رفيقاً لأميراخور البريد المقدم ذكره وولايته عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها نظر الحوطات - وهو على نحو من استيفاء المرتجع بالديار المصرية في تحصيل الأموال السلطانية‏.‏

أما الحكم في المحاكمات الديوانية فيختص بناظر الجيش كما تقدم ذكره‏.‏

ومنها نظر المسابك - ومتوليه يكون رفيقاً لشاد المسابك المتقدم ذكره في أرباب السيوف وولايته عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

قلت‏:‏ ويضم إلى كل نظر من هذه الأنظار مباشرون‏:‏ من شهود وغيرهم يكتب لذوي الصوب منهم تواقيع كريمة عن النائب بوظائفهم في أنظار أخرى لا يسع استيفاؤها‏:‏ كنظر المواريث الحشرية وغيرها‏.‏

ومما أهمل من الأنظار بها نظر مطابخ السكر كما أهمل شدها لإضافتها إلى المتحدث في الأغوار على ما تقدم ذكره في الكلام على وظائف أرباب السيوف‏.‏

الصنف الثالث من الوظائف بدمشق الوظائف الدينية وهي عدة وظائف أيضاً منها قضاء القضاة - وبها أربع قضاة من المذاهب الأربعة على الترتيب المتقدم في الديار المصرية‏.‏

فأعلاهم الشافعي وهو المتحدث على الموازع الحكيمة والأوقاف وأكثر الوظائف ويختص بتولية النواب في النواحي والأعمال بجميع أعمال دمشق حتى في غزة ويليه في الرتبة الحنفي ثم المالكي ثم الحنبلي‏.‏

وكان استقرار القضاة الأربعة بها بعد حدوث ذلك بالديار المصرية لكن لم تستقر الأربعة دفعة واحدة كما وقع في الديار المصرية في الدولة الظاهرية بيبرس بل على التدريج‏.‏

وأقدمهم فيها الشافعي وولاية الأربعة من الأبواب الشريفة بتواقيع شريفة‏.‏

ومنها قضاء العسكر - وموضوعه كما تقدم في الديار المصرية وبها قاضيا عسكر شافعي وحنفي وليس بها مالكي ولا حنبلي وولايتهما من الأبواب الشريفة السلطانية بتواقيع شريفة‏.‏

ومنها إفتاء دار العدل - وهي على ما تقدم في الديار المصرية أيضاً وبها مفتيان شافعي وحنفي كما في قضاء العسكر وولايتهما عن النائب بتواقيع كريمة‏.‏

ومنها وكالة بيت المال - وموضوعها ما تقدم في الديار المصرية وولايتها من الأبواب الشريفة السلطانية بتوقيع شريف ووكالته مثبوتة على الحكام منفذة‏.‏

ولكن لا جلوس له بدار العدل كما يجلس وكيل بيت المال بالديار المصرية إلا أن يكون كاتب دست فيجلس بواسطتها في جملة الموقعين لا بالوكالة‏.‏

ومنها نقابة الأشراف - والأمر فيها كما في الديار المصرية وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

وقد تقدم عليها في الديار المصرية انه كان من حقها أن تورد في جملة وظائف أرباب السيوف إذ يكتب في توقيع متوليها الأميري وإن كان متعمماً وإنما التغليب العرفي اقتضى ذكرها في جملة وظائف أرباب الأقلام‏.‏

ومنها مشيخة الشيوخ وموضوعها كما في الديار المصرية‏:‏ من التحدث على جميع الخوانق و الفقراء بدمشق وأعمالها والعادة أن يكون متوليها شيخ الخانقاه الشميصاتية بدمشق وولايتها ومنها الحسبة - وهي كما تقدم في الديار المصرية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ولا مجلس لمتوليها بدار العدل كما يجلس محتسب القاهرة بدار العدل في الديار المصرية وإليه ولاية نواب الحسبة بجميع أعمال دمشق‏.‏

ومنها الخطابات المعدوقة بنظر النائب - فيولى فيها بتواقيع كريمة حتى إنه ربما كتب عنه التواقيع بخطابة الجامع الأموي وإن كان الغالب أنها لا تولى إلا من الأبواب الشريفة بتوقيع شريف وقد صارت مضافة لقاضي القضاة الشافعي‏.‏

ومنها التداريس - وتختلف باختلاف حال من يتولاها في الرفعة وغيرها وولايتها عن النائب بتواقيع كريمة غالباً والله أعلم‏.‏

الصنف الرابع من الوظائف بدمشق وظائف أرباب الصناعات فمنها رياسة الطب ورياسة الكحالين ورياسة الجرائحية - وكلها على نحو ما تقدم في الديار المصرية وولاية كل منها بتوقيع كريم عن النائب‏.‏

أما مهتارية البيوت وما في معناها فهناك تختص بالنائب لقيامه مقام السلطان واختصاص البيوت به‏.‏

الصنف الخامس وظائف زعماء أهل الذمة بها وفيها بطرك النصارى اليعاقبة وبطرك النصارى الملكانية ورئيس اليهود القرايين و الربانيين ورئيس السامرة ولكنه مقيم بمدينة نابلس التي هي مدينتهم المعظمة عندهم وإلى طورها حجهم وله نائب مقيم بدمشق‏.‏

قلت‏:‏ وربما كتب عن السلطان من الأبواب الشريفة بتواقيع ومراسيم بالحل على ما تصدر ولايته عن النائب وربما كتب به عنه ابتداء‏.‏

الجملة الثالثة في ترتيب النيابة بها وتوافق ترتيب السلطنة في الديار المصرية في بعض الأمور وتخالفها في بعض‏.‏

وكان عادة النائب بها في المواكب أن يركب في العسكر من الأمراء ومقدمي الحلقة وأجنادها في كل يوم اثنين وخميس ويخرجون إلى سوق الخيل تحت القلعة فيسيرون خيولهم وتعرض عليهم خيول المناداة وغيرها من آلات السلاح ونحوها وينادى بينهم على العقار من الدور و الضياع وغيرها ولا يتعدون سوق الخيل إلى غيره‏.‏

أما الآن فإنهم قد رفضوا التسيير بسوق الخيل وصار النائب يخرج بالعسكر إما إلى ميدان ابن أتابك وإما إلى قبة يلبغا‏:‏ قبلي دمشق وإما إلى المزة غربي دمشق وإما إلى القابون شمالي دمشق على حسب ما يختاره فيسيرون هناك بدلاً من تسيرهم بسوق الخيل ولا يسيرون بسوق الخيل إلا في يوم مهم من حضور رسل من بعض الملوك الغرباء ونحو ذلك‏.‏

ف الملوك الغرباء ونحو ذلك‏.‏

فذا فرغوا من التسيير عند ارتفاع النهار عاد النائب في موكبه حتى يأتي باب الحديد من أبواب القلعة ويقف الأمراء على ترتيب منازلهم وينادى بينهم على العقار و الدور وغيرها وكذلك الخيول والسلاح‏.‏

ثم يسير النائب إلى دار النيابة فإذا كان في المواكب سماط تقدم الأمراء في خدمته ويترجل مماليكه من سوق الخيل ثم الأمراء على القرب من دار النيابة على ترتيب منازلهم حتى يكون ترجل المقدمين على باب النيابة ويبقى النائب راكباً وحده حتى ينتهي إلى قاعة عظيمة معدة للجلوس في المواكب بمثابة الإيوان الذي يجلس فيه السلطان بقلعة الجبل بالديار المصرية ويصدر بها كرسي من خشب مغشىً بغشاء من الحرير الأطلس الأصفر وعيه سيف نمجاه مسند إلى صدره فيجلس النائب بصدر القاعة على مقعد مختص به لا يشاركه أحد في الجلوس عليه وخلفه بشتميخ منصوب وراء ظهره كعادة الأمراء ويكون الكرسي المذكور على نحو ثلاثة أذرع منه ويجلس قاضي القضاة الشافعي عن يمين النائب على نحو ثلاثة أذرع منه مسنداً ظهره إلى جدار صدر القاعة ويجلس قاضي القضاة الحنفي عن يمينه وقاضي القضاة المالكي عن يمين الحنفي وقاضي القضاة الحنبلي عن يمين المالكي وقاضي العسكر الشافعي عن يمين قاضي القضاة الحنبلي وقاضي العسكر الحنفي عن يمين قاضي العسكر الشافعي صفاً مساوياً للنائب في صدر القاعة ويجلس كاتب السر من جهة يسار النائب ملاصقاً لمقعده الذي هو جالس عليه جاعلاً يمينه إلى جدار صدر القاعة وظهره إلى جهة الكرسي بانحراف قليل لمواجهة النائب وكتاب الدست بالمسيرة تحته بالتدريج على حسب القدمة صفاً ممتداً من كاتب السر إلى جهة باب القاعة ويجلس الوزير مقابل كاتب السر من الجانب الآخر على سمت يمين قاضي القضاة الحنبلي ويجلس ناظر الجيش تحته وكتاب الدست بالميمنة تحت ناظر الجيش على الترتيب بالقدمة أيضاً آخذاً من الوزير إلى جهة باب القاعة فيصير كاتب السر و الوزير زمن يسامتهما صفين متقابلين ويجلس أتابك العساكر من الأمراء في رأس الميمنة خلف الوزير على بعد وبقية الأمراء المقدمين تحته على الترتيب بحسب القدمة وأمراء الطبلخاناه بالميمنة تحتهم كذلك حتى يصيروا صفاً آخر كصف الوزير ومن معه ويجلس المقدمون من أمراء الميسرة خلف كاتب السر ومن معه وتحتهم الطبلخاناه على الترتيب المتقدم صفاً آخر مقابلاً لصف الميمنة بحيث يكون أوله خارجاً عن يسار الكرسي‏.‏

ويكون بين النائب ورأس الميمنة نحو خمسة أذرع وبينه وبين رأس الميسرة نحو عشرة أذرع وتقف طائفةٌ من أمراء العشرات و الخمسات ومقدمي الحلقة بالميمنة صفاً مستقيماً خلف الأتابك والأمراء الجلوس في صفه على ترتيب منازلهم ويقف مماليك النائب عن يسار الكرسي صفاً آخذاً من خلف أول مقدمي الميسرة بانحراف فيه إلى خلف وطائفةٌ من مقدمي الحلقة خلف الأمراء الجالسين في الفرجة الواقعة بينهم وبين مماليك النائب ويجلس حاجب الحجاب أمام النائب في آخر صفي الموقعين الممتدين من كاتب السر والوزير بميلة إلى صف الميمنة ويقف بقية الحجاب خلفه ونقباء الجيش خلفهم‏.‏

وترفع القصص فيتناولها نقباء الجيش ويوصلونها إلى حاجب الحجاب فيتناولها ويقوم فيوصلها إلى كاتب السر فيفرقها على الموقعين ويبتدىء هو بالقراءة فيقرأ ما بيده من القصص ويوقع عليها بما يرسم به النائب ثم يقرأ الذي يليه ثم الذي يليه إلى آخر صفه‏.‏

فإذا فرغ ذلك الصف من القراءة قرأ الصف الذي في جانب الوزير ثم الذي يليه ثم الذي يليه إلى آخر الصف‏.‏

فإذا انتهت القراءة قام القضاة ومن في صفهم وكاتب السر والوزير وناظر الجيش وسائر أرباب الأقلام فينصرفون فإذا انقضى المجلس وانصرف القضاة ومن معهم مد السماط ويجلس النائب على رأس السماط والأمراء ومقدمو الحلقة على ترتيب منازلهم فيأكلون ثم يرفع السماط ويتحول النائب إلى طرف الإيوان فيجلس فيه ويجلس قدامه كاتب السر وناظر الجيش وتأتي المحاكمات فيفصلها ويقرأ عليه كاتب السر ما يرفع في ذلك المجلس من القصص ويتكلم مع ناظر الجيش فيما يتعلق بأمر الجيش والإقطاعات ثم يقوم من مجلسه ذلك وينصرف كاتب السر وناظر الجيش‏.‏

قال في مسالك الأبصار‏:‏ وتزيد عساكر الشام على غيرها ركوب يوم السبت‏.‏

قلت‏:‏ وهو ركوبٌ مجردٌ ليس فيه دار عدل ولا سماط‏.‏

على أنه ربما أهمل حضور دار العدل ومد السماط في يومي الاثنين والخميس أيضاً كما في الديار المصرية‏.‏

  المقصد الثاني في ترتيب ما هو خارج عن حاضرة دمشق

وهو على ضربين الضرب الأول ما هو خارج عن حاضرتها من النيابات و الولايات قد تقدم أن لدمشق أربع صفقات‏:‏ غربية وهي الساحلية‏.‏

وقبلية وشمالية‏.‏ وشرقية‏.‏

ففي الصفقة الأولى وهي الغربية نيابتان وخمس ولايات‏.‏

فأما النيابتان‏:‏ فالأولى نيابة غزة أو تقدمة العسكر بها على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى‏.‏

ومعاملاتها بالدنانير وبالدراهم النقرة وصنجتها في الذهب و الفضة كصنجة الديار المصرية‏.‏

وكان بها فلوس كل ثمانين منها بدرهم ويعبر عن كل أربعة منها بحبة ثم راجت بها الفلوس الجدد في أوائل الدولة الناصرية فرج بن برقوق ولكن كل ستة وثلاثين فلساً منها بدرهم ورطلها سبعمائة وعشرون درهماً بالدرهم المصري وأواقيه اثنتا عشرة أوقية كل أوقية ستون درهماً‏.‏

ومكيلاتها معتبرة بالغرارة‏.‏

وكل غرارة من غرائرها ثلاثة أرادب بالمصري وقياس قماشها بالذراع المصري وأرضها معتبرة بالفدان الإسلامي والفدان الرومي على ما تقدم في دمشق وجيوشها مجتمعة من الترك ومن في معناهم ومن العرب و التركمان وبها من الوظائف النيابة ثم تارة يصرح لنائبها بنيابة السلطنة‏.‏

وبكل حال فنائبها أو مقدم العسكر بها لا يكون إلا مقدم ألف وبها أمراء الطبلخاناه و العشرات والخمسات ومن في معناهم وفيها من وظائف أرباب السيوف الحجوبية وحاجبها أمير طبلخاناه وولاية المدينة وولاية البر وشد الدواوين والمهمندارية ونقابة النقباء وغير ذلك‏.‏

وبها من الوظائف الديوانية كاتب درج وناظر جيش وناظر مال وولايتهم من الأبواب السلطانية‏.‏

ومن الوظائف الدينية قاض شافعي وولايته من قبل قاضي دمشق إذا كانت غزة تقدمة عسكر وإلا فهي من الأبواب السلطانية وقاض حنفي قد استحدث وولايته من الأبواب السلطانية وبها المحتسب ووكيل بيت المال ومن في معناهم وكلهم نواب لأرباب هذه الوظائف بدمشق كما في القاضي الشافعي‏.‏

وليس بها قضاء عسكر ولا إفتاء دار عدل‏.‏

الثانية - نيابة القدس - وقد تقدم أنها كانت في الزمن المتقدم ولايةً صغيرة وأن النيابة استحدثت فيها في سنة سبع وسبعين وسبعمائة ونيابتها إمرة طبلخاناه وقد جرت العادة أن يضاف إليها نظر القدس ومقام الخليل عليه السلام ومعاملتها بالذهب والفضة والفلوس على ما تقدم في معاملة دمشق ورطلها وكيلها يعتبر بالغرارة وغرارتها وقياس قماشها بذراع وبها من الوظائف غير النيابة ولاية قلعة القدس وواليها جندي وكذلك ولاية المدينة وكانت توليتها أولاً من جهة نائب السلطنة بدمشق ثم أخبرني بعض أهل المملكة الشامية أن ولاية والي القلعة وولاية البلد صارتا إلى نائب القدس من حين استقر نيابة وكذلك ولاية بلد الخليل عليه السلام‏.‏

وبها قاض شافعي ومحتسب نائبان عن قاضي دمشق ومحتسبها وكذلك جميع الوظائف بها نيابات عن أرباب الوظائف بدمشق‏.‏

وأما الولايات‏:‏ فالأولى - ولاية الرملة - وكانت في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون من الولايات الصغار بها جندي ثم استقر بها في دولة الظاهر برقوق كاشفٌ أمير طبلخاناه ثم حدثت مكاتبته عن الأبواب السلطانية بعد ذلك‏.‏

الثانية - ولاية لدٍ - وقد كانت في الأيام الناصرية ابن قلاوون ولايةً صغيرة بها جندي ثم أضيفت إلى الرملة حين استقر بها الكاشف المقدم ذكره‏.‏

الثالثة - ولاية قاقون - وكان بها في الأيام الناصرية جندي ثم أضيفت إلى كاشف الرملة عند استقراره‏.‏

الرابعة - ولاية بلد الخليل عليه السلام - وكان في الأيام الناصرية بها جندي ثم أضيفت إلى القدس حين استقر النائب به‏.‏

الخامسة - ولاية نابلس - وهي باقية على حالها في الانفراد بالولاية وواليها تارة يكون أمير طبلخاناه وتارة أمير عشرين وتارة أمير عشرة‏.‏

وأما الصفقة الثانية وهي القبلية فبها نيابتان وثمان ولايات‏.‏

فأما النيابتان‏:‏ فالأولى منها نيابة قلعة صرخد قال في التعريف‏:‏ قد يجعل فيها من ينحط عن رتبة السلطنة أو تكون نيابة معظمة وذكر نحوه في مسالك الأبصار وكأنه يشير إلى ما كانت عليه في زمانه فإنه من جملة من كان نائباً بها العادل كتبغا بعد خلعه من السلطنة ثم انتقل منها إلى نيابة حماة‏.‏

واعلم أن بصرخد المذكورة قلعةً لها والٍ خاص‏.‏

قال في التثقيف‏:‏ وهي من القلاع التي يستقل نائب الشأم بالتولية فيها‏.‏

الثانية - نيابة عجلون - وقد أشار في التثقيف إلى أنها نيابة حيث قال‏:‏ وعجلون إن كانت نيابة فإن نائب الشأم يستقل بالتولية فيها ولم تجر له عادة بمكاتبة من الأبواب الشريفة‏.‏

وأما الولايات‏:‏ الثانية - ولاية بانياس - وواليها جندي تارة وتارة إمرة عشرة‏.‏

الثالثة - وولاية قلعة الصبيبة - وكانت ولاية صغيرة وبها جندي ثم أضيفت إلى بانياس‏.‏

الرابعة - ولاية الشعرا - وكانت في الأيام الناصرية مضافة إلى بانياس وهي الآن ولاية مفردة وواليها جندي‏.‏

الخامسة - ولاية أذرعات - قال في التعريف‏:‏ وبها مقر ولاية الحاكم على جميع الصفقة ثم الحاكم على جميع الصفقة تارة يكون طبلخاناه وتكون ولايته عن نائب الشأم وتارة يكون مقدم ألف فتكون ولايته من الأبواب السلطانية‏.‏

أخبرني بعض كتاب دست دمشق أنه إن كان مقدم ألف سمي كاشف الكشاف وإن كان طبلخاناه سمي والي الولاة وهو الغالب‏.‏

السادسة - ولاية حسبان والصلت - من البلقاء‏.‏

أخبرني القاضي ناصر الدين بن أبي الطيب كاتب السر بدمشق أنهما إن جمعا لوالٍ كان جندياً‏.‏

السابعة - ولاية بصرى - وواليها جندي أيضاً‏.‏

الصفقة الثانية الشمالية‏.‏

وفيها نيابة واحدة وثلاث ولايات‏:‏ فأما النيابة فنيابة بعلبك وقد كانت في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون إمرة عشرة ثم صارت الآن إمرة طبلخاناه وبكل حال فنائب الشأم هو الذي يستقل بولايتها وربما وليت من الأبواب السلطانية‏.‏

قال في التعريف‏:‏ ولها ولاية خاصة يعني غير ولاية المدينة وقد كانت في الدولة الأيوبية مفردة في الغالب بملك بمفردها‏.‏

وأما الولايات‏:‏ فالأولى - منها ولاية البقاع البعلبكي - قال في التعريف‏:‏ وهاتان الولايتان الآن منفصلتان عن بعلبك وهما مجموعتان لوال واحد جليل مفرد بذاته وهما على ما ذكره من جمعهما لوال واحد إلى الآن إلا انه تارة يليهما مقدم حلقة وتارة جندي‏.‏

الثانية - ولاية بيروت - وولايتها الآن إمرة طبلخاناه‏.‏

الثالثة - ولاية صيدا - قال في مسالك الأبصار‏:‏ وهي ولاية جليلة وهي على ما ذكره إلى زماننا تارة يليها أمير طبلخاناه وتارة أمير عشرة‏.‏

الصفقة الرابعة الشرقية‏.‏

وبها ثلاث نيابات وأربع ولايات‏.‏

فأما النيابات‏:‏ فالأولى - نيابة حمص - وهي نيابة جليلة وقد كانت في الأيام الناصرية فما بعدها تقدمة ألف‏.‏

قال في التثقيف‏:‏ ثم استقرت طبلخاناه بعد ذلك‏.‏

قال‏:‏ ونائب قلعتها من المماليك السلطانية‏.‏

وقد تقدم أن الذكر في الزمن القديم كان لها دون الثانية - نيابة مصياف - وقد تقدم أنها كانت أولاً من مضافات أطرابلس في جملة قلاع الدعوة ثم أضيفت بعد ذلك إلى دمشق واستمرت على ذلك إلى الآن‏.‏

ونيابتها تارة تكون إمرة طبلخاناه وتارة تكون إمرة عشرة وبكل حال فتوليتها من الأبواب السلطانية ونائبها لا يكتب له إلا في المهمات دون خلاص الحقوق أيضاً‏.‏

الثالثة - ولاية صيدا - والغالب في نيابتها أن تكون تقدمة ألف وأشار في التثقيف إلى أنها قد تكون طبلخاناه قال في التعريف‏:‏ وبقلعتها بحرية وخيالة وكشافة وطوائف من المستخدمين‏.‏

الضرب الثاني من الخارج عن حاضرة دمشق العربان والإمرة بها في بطون من العرب البطن الأولى آل ربيعة من طيىء من كهلان من القحطانية وهم بنو ربيعة بن حازم بن علي بن مفرج بن دغفل بن جراح وقد تقدم نسبه مستوفى مع ذكر الاختلاف فيه في الكلام على ما يحتاج إليه الكاتب في المقالة الأولى‏.‏

قال في العبر‏:‏ وكانت الرياسة عليهم في زمن الفاطميين‏:‏ خلفاء مصر لبني جراح كان كبيرهم مفرج بن دغفل بن جراح وكان من إقطاعه الرملة‏.‏

ومن ولده حسان وعلي ومحمود وحرار وولي حسان بعده فعظم أمره وعلا صيته وهو الذي مدحه الرياشي الشاعر في شعره‏.‏

قال الحمداني‏:‏ وكان مبدأ ربيعة أنه نشأ في أيام الأتابك زنكي صاحب الموصل وكان أمير عرب الشام أيام طغتكين السلجوقي صاحب دمشق ووفد على السلطان نور الدين محمود بن زنكي صاحب الشأم فأكرمه وشاد ذكره‏.‏

قال‏:‏ وكان له أربعة أولاد وهم فضل ومرا وثابت ودغفلٌ ووقع في كلام المسبحي أنه كان له ولد اسمه بدر‏.‏

قال الحمداني‏:‏ وفي آل ربيعة جماعة كثيرة أعيانٌ لهم مكانة وأبهة أول من رأيت منهم ماتع بن حديثة وغنام بن الطاهر على أيام الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب‏.‏

قال‏:‏ ثم حضر بعد ذلك منهم إلى الأبواب السلطانية في دولة المعز أيبك وإلى أيام المنصور قلاوون زامل بن علي بن حديثة وأخوه أبو بكر بن علي وأحمد بن حجي وأولاده وإخوته وعيسى بن مهنا وأولاده وأخوه وكلهم رؤساء أكابر وسادات العرب ووجوهها ولهم عند لا سلاطين حرمة كبيرة وصيتٌ عظيم إلى رونق في بيوتهم ومنازلهم‏.‏

من تلق منهم تقل‏:‏ لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري ثم قال‏:‏ إلا أنهم مع بعد صيتهم قليلٌ عددهم قال في مسالك الأبصار‏:‏ لكنهم كما قيل‏:‏ تعيرنا أنا قليلٌ عديدنا فقلت لها‏:‏ إن الكرام قليل وما ضرنا أنا قليلٌ وجارنا عزيزٌ وجار الأكثرين ذليل ولم يزل لهم عند الملوك المكانة العلية والدرجة الرفيعة يحلونهم فوق كيوان وينوعون لهم أجناس الإحسان‏.‏

قال الحمداني‏:‏ وقد فرج بن حية على المعز أيبك فأنزله بدار الضيافة وأقام أياماً فكان مقدار ما وصل إليه من عينً وقماش وإقامة له ولمن معه - ستةً وثلاثين ألف دينار‏.‏

قال‏:‏ واجتمع أيام الظاهر بيبرس جماعةٌ من آل ربيعة وغيرهم فحصل لهم من الضيافة خاصةً في المدة اليسيرة أكثر من هذا المقدار وما يعلم ما صرف على يدي من بيوت الأموال والخزائن والغلال للعرب خاصةً إلا الله تعالى‏.‏

واعلم أن آل ربيعة قد انقسموا إلى ثلاثة أفخاذ هم المشهورون منهم ومن عداهم أتباعٌ لهم وداخلون في عددهم ولكل من الثلاثة أمير مختص به‏.‏

الفخذ الأول - آل فضل - وهو فضل بن ربيعة المقدم ذكره وهم رأس الكل وأعلاهم درجةً وأرفعهم مكانةً‏.‏

قال في مسالك الأبصار‏:‏ وديارهم من حمص إلى قلعة جعبرٍ إلى الرحبة آخذين على شقي الفرات وأطراف العراق حتى ينتهي حدهم بشرق إلى الوشم آخذين يساراً إلى البصرة ولهم مياه كثيرة ومناهل مورودة‏:‏ ولها منهلٌ على كل ماءٍ وعلى كل دمنةٍ آثار وقد ذكر في مسالك الأبصار نقلاً عن محمود بن عرام من بني ثابت ابن ربيعة‏:‏ أن آل فضل تشعبوا شعباً كثيرة منهم آل عيسى وآل فرج وآل سميط وآل مسلم وآل علي‏.‏

قال‏:‏ وأما من ينضاف إليهم ويدخل فيهم فرعب والحريث وبنو كلب وبعض بني كلاب وآل بشار وخالد حمص وطائفة من سنبس وسعيدة وطائفة من بربر وخالد الحجاز وبنو عقيل من كدر وبنو رميم وبنو حي وقران والسراجون‏.‏

ويأتيهم من البرية من عربه غالب وآل أجود والبطنين وساعدة ومن بني خالد آل جناح والصبيات من مياس والحبور والدغم والقرسة وآل منيحة وآل بيوت والعامرة والعلجات من خالد وآل يزيد من عابد والدوامر إلى غير هؤلاء ممن يخالفهم في بعض الأحيان‏.‏

قال المقر الشهابي بن فضل الله‏:‏ ‏"‏ على أني لا أعلم في وقتنا من لا يؤثر صحبتهم ويظهر محبتهم ‏"‏‏.‏

وسيأتي ذكر قبائل أكثر هذه العربان التي تنضاف إليهم في مواضعها إن شاء الله تعالى‏.‏

قال في مسالك الأبصار‏:‏ وأسعد بيت في وقتنا آل عيسى وقد صاروا بيوتاً‏:‏ بيت مهنا بن عيسى وبيت فضل بن عيسى وبيت حارث بن عيسى وأولاد محمد بن عيسى وأولاد حديثة بن عيسى وآل هبة بن عيسى‏.‏

قال‏:‏ وهؤلاء آل عيسى في وقتنا هم ملوك البر فيما بعد واقترب وسادات الناس ولا تصلح إلا عليهم العرب‏.‏

وأما الإمرة عليهم فقد جرت العادة أن يكون لهمأمير كبير منهم يولى من الأبواب السلطانية ويكتب له تقليدٌ شريف بذلك ويلبس تشريفاً أطلس أسوة النواب إن كان حاضراً أو يجهز إليه إن كان غائباً ويكون لكل طائفة منهم كبيرٌ قائم مقام أمير عليهم وتصدر إليه المكاتبات من الأبواب الشريفة إلا أنه لا يكتب له تقليدٌ ولا مرسوم‏.‏

قال في مسالك الأبصار‏:‏ ولم يصرح لأحد منهم بإمرة على العرب بتقليد من السلطان إلا من أيام العادل أبي بكر‏:‏ أخي السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب أمر منهم حديثة يعني ابن عقبة بن فضل بن ربيعة والذي ذكره قاضي القضاة ولي الدين بن خلدون في تاريخه أن الإمرة عليهم في أيام العادل أبي بكر بن أيوب كانت لعيسى بن محمد بن ربيعة ثم كان بعده ماتع ابن حديثة بن عقبة بن فضل وتوفي سنة ثلاثين وستمائة وولي عليهم بعده ابنه مهنا وحضر مع المظفر قطز قتال هولاكو ملك التتار وانتزع سليمة من المنصور ابن المظفر صاحب حماة وأقطعها له ثم ولى الظاهر بيبرس عند مسيره إلى دمشق لتشييع الخليفة المستعصم إلى بغداد عيسى بن مهنا بن ماتع ووفر له الإقطاعات على حفظ السابلة وبقي حتى توفي سنة أربع وثمانين وستمائة فولى المنصور قلاوون مكانه ابنه مهنا بن عيسى ثم سافر الأشرف خليل بن قلاوون إلى الشام فوفد عليه مهنا بن عيسى في جماعة من قومه فقبض عليهم وبعث بهم إلى قلعة الجبل بمصر فاعتقلوا بها وبقوا في السجن حتى أفرج عنهم العادل كتبغا عند جلوسه على التخت سنة أربع وتسعين وستمائة ورجع إلى إمارته ثم كان له في أيام الناصر بن قلاوون نصرةٌ واستقامة تارة وتارة وميلٌ إلى التتر بالعراق ولم يحضر شيئاً من وقائع غازان ووفد أخوه فضل بن عيسى على السلطان الملك الناصر سنة اثنتي عشرة وسبعمائة فولاه مكانه وبقي مهنا مشرداً ثم لحق سنة ست عشرة بخدابندا ملك التتار بالعراق فأكرمه وأقطعه بالعراق وهلك خدابندا في تلك السنة فرجع مهنا إلى الشأم وبعث ابنيه محمداً وموسى وأخاه محمد بن عيسى إلى الملك الناصر فأكرمهم وأحسن إليهم ورد مهنا إلى إمارته وإقطاعه ثم رجع إلى موالاة التتر فطرد السلطان الملك الناصر آل فضلٍ بأجمعهم من الشأم وجعل مكانهم آل علي وولى منهم على أحياء العرب محمد بن أبي بكر بن علي وصرف إقطاع مهنا وأولاده إليه وإلى أولاده وأقام الحاسب على ذلك مدة‏.‏

ثم وفد مهنا على السلطان الملك الناصر صحبة الأفضل بن المؤيد صاحب حماة فرضي عنه السلطان وأعاد إمرته إليه ورجع إلى أهله فتوفي سنة أربع وثلاثين وسبعمائة وولي مكانه أخوه سليمان فبقي حتى توفي سنة أربع وأربعين وسبعمائة عقب موت الملك الناصر وولي مكانه أخوه سيف بن فضل فبقي حتى عزله السلطان الملك الكامل شعبان بن قلاوون سنة ست وأربعين وولى مكانه أحمد بن مهنا بن عيسى فبقي حتى توفي في سنة سبع وأربعين وسبعمائة في سلطنة الناصر حسن بن محمد بن قلاوون المرة الأولى وولي مكانه أخوه فياض فبقي حتى مات سنة ستين وسبعمائة وولي مكانه أخوه جبار من جهة الناصر حسن في سلطنته الثانية ثم حصلت منه نفرة في سنة خمس وستين وسبعمائة وأقام على ذلك سنتين إلى أن تكلم بسببه مع السلطان نائب حماة يومئذ فأعيد إلى إمارته ثم حصل منه نفرة ثانية سنة سبعين في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين فولى مكانه ابن عمه زامل بن موسى بن عيسى فكانت بينهم حروبٌ قتل في بعضها قشتمر المنصوري نائب حلب فصرفه الأشرف وولى مكانه ابن عمه معيقل بن فضل بن عيسى ثم بعث معيقل في سنة إحدى وسبعين يستأمن لجبار المتقدم ذكره من السلطان الملك الأشرف فأمنه ووفد جبار على السلطان في سنة خمس وسبعين فرضي عنه وأعاده إلى إمرته فبقي حتى توفي سنة سبع وسبعين فولي مكانه أخوه قنارة وبقي حتى مات سنة إحدى وثمانين فولي مكانه معيقل بن فضل بن عيسى وزامل بن موسى بن عيسى المتقدم ذكرهما شريكين في الإمارة ثم عزلا في سنتهما وولي مكانهما محمد بن جبار بن مهنا وهو نعبر ثم وقعت منه نفرة في الدولة الظاهرية برقوق فولى مكانه بعض آل زامل ثم أعيد نعير المذكور إلى إمرته وهو باق على ذلك إلى الآن وهو محمد بن جبار بن مهنا بن عيسى بن مهنا ابن ماتع بن حديثة بن عقبة بن فضل بن ربيعة‏.‏

وقد ذكر المقر الشهابي بن فضل الله في مسالك الأبصار أمراء آل فضل في زمانه فذكر أن أمير آل عيسى وسائر آل فضلٍ أحمد بن مهنا وأمير بيت فضل ابن عيسى سيف بن فضل وأمير بيت حارث بن عيسى قناة بن حارث‏.‏

ثم قال‏:‏ أما أولاد محمد بن عيسى وأولاد حديثة بن وذكر القاضي تقي الدين بن ناظر الجيش في التثقيف‏:‏ أنهم صاروا بيتين‏:‏ وهما بيت مهنا بن عيسى وفضل بن عيسى‏.‏

وذكر من أكابرهم عساف بن مهنا وأخاه عنقا وزامل بن موسى بن مهنا ومحمد بن جبار وهو نعير قيل الإمرة وعواد بن سليمان بن مهنا وعلي بن سليمان بن مهنا وأما بنو فضل بن عيسى فذكر منهم فضل بن عيسى ومعيقل بن فضل وقال‏:‏ كان قبلهما سيف وأبو بكر‏.‏

ثم قال‏:‏ وممن لم يكاتب أولاد فياض وبقية أولاد جبار ورقيبة بن عمر بن موسى ونحوهم‏.‏

الفخذ الثاني - من آل ربيعة آل مرا - نسبة إلى مرا بن ربيعة وهو أخو فضل المتقدم ذكره‏.‏

قال في التعريف‏:‏ ومنازلهم حوران‏.‏

وقال في مسالك الأبصار‏:‏ ديارهم من بلاد الجيدور والجولان إلى الزرقاء والضليل إلى بصرى ومشرقاً إلى الحرة المعروفة بحرة كشت قريباً من مكة المعظمة إلى شعباء إلى نيران مزيد إلى الهضب المعروف بهضب الراقي وربما طاب لهم البر وامتد بهم المرعى أوان خصب الشتاء فتوسعوا في الأرض وأطالوا عدد الأيام والليالي حتى تعود مكة المعظمة وراء ظهورهم ويكاد سهيلٌ يصير شامهم ويصيرون مستقبلين بوجوههم الشام‏.‏

وقد تشعب آل مرا أيضاً شعباً كثيرة وهم آل أحمد بن حجي وفيهم الإمرة وآل مسخر وآل نمي وآل بقرة وآل شماء‏.‏

وممن ينضاف إليهم ويدخل في غمرة أمرائهم حارثة والحاص ولامٌ وسعيدة ومدلجٌ وقرير وبنو صخر وزبيد حوران‏:‏ وهم زبيد صرخد وبنو غني وبنو عز قال‏:‏ ويأتيهم من عرب البرية آل طفير والمفارجة وآل سلطان وآل غزي وآل برجس والخرسان وآل المغيرة وآل أبي فضيل والزراق وبنو حسين الشرفاء ومطين وخثعم وعدوان وعنزة‏.‏

قال‏:‏ وآل مرا أبطال مناجيد ورجال صناديد وأقيال قل ‏"‏ كونوا حجارةً أو حديداً ‏"‏ لا يعد معهم عنترة العبسي ولا عرابة الأوسي إلا أن الحظ لحظ بني عمهم مما لحظهم ولم تزل بينهم نوب الحرب ولهم في أكثرها الغلب‏.‏

قال الشيخ شهاب الدين أبو الثناء محمود الحلبي رحمه الله‏:‏ كنت في نوبة حمص في واقعة التتار جالساً على سطح باب الإصطبل السلطاني بدمشق إذا أقبل آل مرا زهاء أربعة آلاف فارس شاكين في السلاح على الخيل المسومة والجياد المطهمة وعليهم الكزغندات الحمر الأطلس المعدني والديباج الرومي وعلى رؤوسهم البيض مقلدين بالسيوف وبأيديهم الرماح كأنهم صقور على صقور وأمامهم العبيد تميل على الركائب ويرقصون بتراقص المهارى وبأيديهم الجنائب التي إليها عيون الملوك صورا ووراءهم الظعائن والحمول ومعهم مغنية لهم تعرف بالحضرمية طائرة السمعة سافرة من الهودج وهي تغني‏:‏ وكنا حسبنا كل بيضاء شحمةً ليالي لاقينا جذاماً وحميرا فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ببعض أبت عيدانه أن تكسرا سقيناهم كأساً سقونا بمثله ولكنهم كانوا على الموت أصبرا وكان الأمر كذلك فإن الكسرة أولاً كانت على المسلمين ثم كانت على المسلمين ثم كانت لهم الكرة على التتار فسبحان منطق الألسنة ومصرف الأقدار‏.‏

الفخذ الثالث من آل ربيعة آل علي - وهم فرقة من آل فضل المقدم ذكرهم ينتسبون إلى علي بن حديثة بن عقبة بن فضل بن ربيعة‏.‏

قال في مسالك الأبصار‏:‏ وديارهم مرج دمشق وغوطتها بين إخوتهم آل فضل وبني عمهم آل مرا ومنتهاهم إلى الحوف والجبابنة إلى السكة إلى البرادع‏.‏

قال في التعريف‏:‏ وإنما نزلوا غوطة دمشق حيث صارت الإمرة إلى عيسى بن مهنا وبقي جار الفرات في تلابيب التتار‏.‏

قال في مسالك الأبصار‏:‏ وهم أهل بيت عظيم الشأن مشهور السادات إلى أموال جمة ونعم ضخمة ومكانة في الدول علية‏.‏

وأما الإمرة عليهم فقد ذكر في مسالك الأبصار أنه كان أميرهم في زمانه رملة بن جماز بن محمد بن أبي بكر بن علي بن حديثة بن عقبة بن فضل بن ربيعة‏.‏

ثم قال‏:‏ وقد كان جده أميراً ثم أبوه‏.‏

قلد الملك الأشرف خليل بن قلاوون جده محمد بن أبي بكر إمرة آل فضل حين أمسك مهنا بن عيسى‏.‏

ثم تقلدها من الملك الناصر أخيه أيضاً حين طرد مهنا وسائر إخوته و أهله‏.‏

قال‏:‏ ولما أمر رملة كان حدث السن فحسده أعمامه بنو محمد بن أبي بكر وقدموا على السلطان بتقادمهم وتراموا على الأمراء وخواص السلطان وذوي الوظائف فلم يحضرهم السلطان إلى عنده ولا أدنى أحداً منهم فرجعوا بعد معاينة الحين بخفي حنين ثم لم يزالوا يتربصون به الدوائر وينصبون له الحبائل والله تعالى يقيه سيئات ما مكروا حتى صار سيد قومه وفرقد دهره والمسود في عشيرته المبيض لوجوه الأيام بسيرته‏.‏

وله إخوة ميامين كبرا هم أمراء آل فضل وآل مرا‏.‏

وقد ذكر القاضي تقي الدين بن ناظر الجيش في التثقيف‏:‏ أن الأمير عليهم في زمانه في الدولة الظاهرية برقوق كان عيسى بن زيد بن جماز‏.‏

البطن الثانية جرم بفتح الجيم وسكون الراء المهملة قال الحمداني‏:‏ وسمه ثعلبة وجرم اسم أمه وقد تقدم ذكر نسبه في الكلام على ما يحتاج إليه الكاتب في المقالة الأولى‏.‏

قال في مسالك الأبصار‏:‏ وهم ببلاد غزة والداروم مما يلي الساحل إلى الجبل وبلد الخليل عليه السلام‏.‏

قال الحمداني‏:‏ وجرمٌ المذكورة شمجان وقمران وجيان‏.‏

قال‏:‏ والمشهور منهم الآن جذيمة ويقال إن لهم نسباً في قريش وزعم بعضهم أنها إلى مخزوم‏.‏

وقال آخرون‏:‏ بل من جذيمة بن مالك بن حنبل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر‏.‏

ثم قال‏:‏ وجذيمة هذه هم آل عوسجة وآل أحمد وآل محمود وكلهم في إمارة شاور بن سنان ثم في بنيه وكان لسنان المذكور أخوان فيهما سوددٌ‏:‏ وهما غانم وخضر‏.‏

ومن جذيمة جابع الرايديين‏.‏

وبنو أسلم ويقال إن أسلم من جذام لا من جذيمة ولكنها اختلطت بها ومن جذيمة أيضاً شبل ورضيعة جرم ونيفور والقذرة والأحامدة والرفثة وكور جرم وموقع وكان كبيرهم مالك الموقعي وكان مقدماً عند السلطان صلاح الدين بن أيوب وأخيه العادل ومنهم بنو غور ويقال إنهم من جرم بن جرمز من سنبس ومن هؤلاء العاجلة والضمان والعبادلة وبنو تمام وبنو جميل ومن بني جميل بنو مقدام ومن بني غور آل نادر ومن بني غوث بنو بها وبنو خولة وبنو هرماس وينو عيسى وبنو سهيل‏.‏

وأرضهم الداروم وكانوا سفراء بين الملوك وجاورهم قوم من زبيد يعرفون ببني فهيد ثم اختلطوا بهم‏.‏

قال الحمداني‏:‏ فهذه جرم الشام وحلفاؤهم ومن جاورهم ولاذ بهم‏.‏

وأما الغمرة عليهم فقد ذكر في التعريف أن الإمرة على عرب غزة في زمانه كانت لفضل بن حجي وعرب غزة هم جرمٌ المذكورون والمعروف أن جرماً يكون لهم مقدم لا أمير‏.‏

وعليه جرى القاضي تقي الدين بن ناظر الجيش في التثقيف وذكر أن مقدمهم في زمانه في الدولة الظاهرية برقوق كان علي بن فضل‏.‏

البطن الثالثة ثعلبة من طيىء أيضاً قال في مسالك الأبصار‏:‏ وديارهم مما يلي مصر إلى الخروبة‏.‏

وقد تقدم في سياقة الكلام على جرم أن ثعلبة هذه من بقايا ثعلبة المنتقلين إلى مصر وتقدم في الكلام على عرب الديار المصرية أن ثعلبة الذين ينسبون إليه ثعلبة بن سلامان وأن سلامان بطن من بطون طييء وأن ثعلبة المذكورين بطنان‏:‏ وهما درما وزريق ابنا عوف بن ثعلبة وقيل ابنا عوف بن ثعلبة وقيل ابنا ثعلبة لصلبه وأن اسم درما عمرو ودرما اسم أمه فغلب عليه وأن من درما الجواهرة والحنابلة والصبيحيين‏.‏

قال الحمداني‏:‏ وثعلبة الشام من درما آل غياث الجواهرة ومن الحنابلة ومن بني وهم من الصبيحيين ومن أحلافهم فرقةٌ من النعيميين ومن العار والجمان وتقدم في الكلام على ثعلبة مصر أيضاً أن بكل من ثعلبة مصر والشام قوماً من خندف وقيس ومراد ويمن‏.‏

قلت‏:‏ ولم يكن في التعريف ولا التثقيف لثعلبة المذكورين ذكر لعدم من يكاتب منهم إذ لم يكونوا في معنى من تقدم‏.‏

البطن الرابعة بنو مهدي بفتح الميم وسكون الهاء والدال المهملة قد تقدم في الكلام على عرب الديار المصرية أنهم أخو لخم وهو جذام بن عدي بن عمرو بن سبإٍ من العرب العاربة إما من عمرو بن سبإٍ من القحطانية كما يقتضيه كلام مسالك الأبصار وإما من عذرة من قضاعة من حمير بن سبإٍ من القحطانية أيضاً كما صرح به في التعريف‏.‏

قال في التعريف‏:‏ ومنازلهم البلقاء‏.‏

وقال في مسالك الأبصار‏:‏ منازلهم البلقاء إلى باير إلى الصوان إلى علم أعفر‏.‏

قال الحمداني‏:‏ ومن بني مهدي المشاطبة الذين منهم أولاد عسكر والعناترة والنترات واليعاقبة والمطارنة والعفير والرويم والقطاربة وأولاد الطائية وبنو دوس وآل يسار والمخابرة والسماعة والعجارمة من بني طريف وبنو خالد والسلمان والقرانسية والدرالات والحمالات والمساهرة والمغاورة وبنو عطا وبنو مياد وآل شبل وآل رويم وهم غير الرويم المتقدم ذكرهم والمحارقة وبنو عياض ومنهم طائفة حول الكرك يأتي ذكرهم في الكلام على عرب الكرك‏.‏

قال الحمداني‏:‏ ويجاورهم بالبلقاء طائفة من حارثة ولهم نسب بقرى بني عقبة‏.‏

وأما الإمرة عليهم فقد ذكر في التعريف أن إمرتهم مقسومة في أربعة منهم لكل واحد منهم الربع ولم يسم أمراء زمانه منهم‏.‏

وذكر في التثقيف مثل ذلك وسمى أمراءهم في زمانه‏.‏

فقال‏:‏ وهم بر بن ذئب بن محفوظ العنبسي وسعيد بن بحري بن حسن العنبسي وزامل بن عبيد بن محفوظ العنبسي ومحمد ابن عباس بن قاسم بن راشد العسري‏.‏

البطن الخامسة زبيدٌ بضم الزاي قال في مسالك الأبصار‏:‏ وهم فرق شتى‏.‏

وذكر من بالشام وغيره ولم يتعرض انسبهم في أي أحياء العرب‏.‏

وذكر الجوهري أن زبيداً اسم قبيلة ولم يزد على ذلك‏.‏

قلت‏:‏ والموجود في كتب التاريخ عد زبيدٍ من بطون سعد العشيرة من مذحج بن كهلان بن سبإٍ من العرب العاربة وهم عرب اليمن على ما تقدم ذكره‏.‏

وقد ذكر في مسالك الأبصار أن بالشام منهم فرقةً بصرخد وفرقةً بغوطة دمشق‏.‏

وذكر في التعريف منهم زبيد المرج وزبيد حوران وزبيد الأحلاف‏.‏

وذكر مثله في التثقيف‏.‏

ومقتضى الجمع بين كلامه في المسالك والتعريف أن تكون زبيدٌ خمس فرق‏:‏ زبيد المرج وزبيد الغوطة وزبيد صرخد وزبيد حوران وزبيد الأحلاف وليس كذلك بل زبيد الغوطة وزبيد المرج واحدة فإن المراد غوطة دمشق ومرجها وهما متصلان والنازلون فيهما كالفرقة الواحدة وزبيد صرخد هي زبيد حوران كما صرح به في موضع آخر من مسالك الأبصار إذ صرخد من جملة بلاد حوران‏.‏

أما زبيد الأحلاف فديارهم بالقرب من الرحبة بجوار آل فضل‏.‏

قال الحمداني‏:‏ والذين بصرخد منهم آل مياس وآل صيفي وآل برة وآل محسن وآل جحش وآل رجاء‏.‏

والذين بالمرج والغوطة آل رجاء وآل بدال والدوس والحريث وهم في عداد آل ربيعة المتقدم ذكرهم وذكر معهم المشارقة جيرانهم‏.‏

ثم قال‏:‏ وإمرة زبيد هؤلاء في نوفل وليس للمشارقة إمرة ولكن لهم شيوخ منهم وأمر الفريقين إلى نواب الشأم ليس لأحد من أمراء العرب عليهم إمرة وديارهم متصلة في المرج والغوطة إلى أم أوعال إلى وأما العرب المستعربة وهم بنو إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام على ما تقدم بيانه في الكلام على عرب الديار المصرية فالمشهور بأعمال دمشق منهم قبيلة واحدة وهم بنو خالد عرب حمص‏.‏

قال الحمداني‏:‏ وهم يدعون النسب إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه وقد أجمع أهل العلم بالنسب على انقراض عقبه قال في مسالك الأبصار‏:‏ ولعلهم من ذوي قرابته من مخزوم وكفاهم ذلك فخاراً أن يكونوا من قريش‏.‏

وقد تقدم ذكر نسب مخزوم من قريش في الكلام على بني خالد في جملة عرب الديار المصرية فأغنى عن إعادته هنا‏.‏

قلت‏:‏ ومن جملة من عده في التعريف من عرب الشام غزية ولم يتحرر لي هل هي من العرب العاربة أو العرب المستعربة فلذلك ذكرتها بمفردها‏.‏

وقد ذكر الحمداني أنهم متفرقون في الشأم والحجاز وبغداد وفيما بين العراق والحجاز ولم يذكر واحد منهما منازلهم من الشأم بل ذكر الحمداني منازلهم بالبرية والعراق خاصةً وقال‏:‏ وهم بطون وأفخاذ ولهم مشايخ منهم من وفد على السلاطين في زماننا وأشار في التعريف إلى أن الغالب عليهم عدم الطاعة ومنهم أحلاف لآل فضل قد تقدم ذكرهم وهم غالبٌ وآل أجود والبطنين وسأذكرها ببطونها ومنازلها ومياهها من البرية في جملة عرب الحجاز‏.‏

النيابة الثانية من نيابات السلطنة بالممالك الشامية وفيها جملتان الجملة الأولى في ذكر أحوالها في المعاملات ونحوها أما الأثمان المتعامل بها من الدنانير و الدراهم و الصنجة فعلى ما تقدم في دمشق من غير فرق و لم ترج الفلوس الجدد فيها إلى الآن وإنما يتعامل فيها بالفلوس القديمة و رطلها سبعمائة و عشرون درهماً و أواقية اثنتا عشرة أوقية كل أوقية ستون درهماً وفي أعمالها ربما زاد الرطل على ذلك و تعتبر مكيالها بالمكوك في حاضرتها و سائر أعمالها والمكوك المعتبر في حاضرتها سبع ويبات بالكيل المصري وأما في نواحيها وبلادها فيختلف اختلافاً متبايناً في الزيادة والنقص‏.‏

قال في مسالك الأبصار‏:‏ والمعتدل منها أن يكون كل مكوكين ونصفٍ غرارةً وما بين ذلك كل ذلك تقريباً ويقاس القماش بها بذراعٍ يزيد على ذراع القماش المصري سدس ذراع وهو أربعة قراريط وتعتبر أرض دورها بذراع العمل كما في الديار المصرية وأرض زراعتها بالفدان الإسلامي والفدان الرومي كما في دمشق وخراج أرض الزراعة بها كما في دمشق وأسعارها على نحو سعر دمشق إلا أن الفواكه فإنها في دمشق أرخص لكثرتها بها‏.‏

الجملة الثانية في ترتيب مملكتها وهي على ضربين الضرب الأول ترتيب حاضرتها أما جيوشها فعلى ما تقدم في دمشق من اشتمال عسكرها على الترك والجركس والروم والروس وغير ذلك من الأجناس المشابهة للترك وانقسامها إلى الأمراء المقدمين والطبلخانات والعشرات ومن في معناهم من العشرينات و الخمسات و كذلك أجناد الحلقة و مقدومها و إقطاعاتها على نحو ما تقدم في دمشق في المقدار و ربما زاد إقطاع الحلقة بها على إقطاع الحلقة بالديار المصرية بخلاف إقطاعات الأمراء بها فإنها لا تساوي إقطاعات الأمراء بالديار المصرية‏.‏

وأما وظائفها فعلى أربعة أصناف‏.‏

الصنف الأول أرباب السيوف وهي عدة وظائف منها نيابة السلطنة وهي نيابة جليلة في الرتبة الثانية من نيابة دمشق ويعبر عنها في ديوان الإنشاء بالأبواب الشريفة بنائب السلطنة الشريفة ولا يقال فيه كافل السلطنة كما يقال لنائب دمشق ويكتب عن نائبها التواقيع الكريمة بأكثر وظائف حلب وأعمالها وكذلك يكتب عنه المربعات الجيشية بالديار المصرية والمناشير الإقطاعية على حكمها كما تقدم في دمشق وكذلك يكتب على كل ما يتعلق بنيابته من المناشير والتواقيع والمراسيم الشريفة بالاعتماد ويزيد على نائب دمشق بسرحتين يسرحهما للصيد الأولى منها يسرحها في بلاد حلب من جانب الفرات الغربي يتصيد فيها الغزلان يقيم فيها نحو عشرة أيام والثانية وهي العظمى يعبر فيها الفرات إلى بر الجزيرة شرقي الفرات وينتقل في نواحيها مما هو داخل في مملكة الديار المصرية وما حولها يتصيد فيها الغزلان وغيرها من سائر الوحوش ويقيم بها نحو شهر‏.‏

ومنها نيابة القلعة بحلب وهي نيابة منفردة عن نيابة السلطنة بها وليس لنائب السلطنة على القلعة ولا على نائبها حكم كما تقدم في قلعة دمشق وعادة نائبها أن يكون أمير طبلخاناه وتوليتها من الأبواب السلطانية بمرسوم شريف وفيها من الأجناد البحرية المعدين لحراستها نحو أربعين نفساً مقيمون بها لا يظعنون عنها بسفر ولا غيره يجلس منهم في كل نوبة عدة في

الباب الثاني منها من حين فتح الباب في أول النهار وإلى حين قفله في آخر النهار وبها الحرس في الليل وضرب الطبلة على مضي كل أربع درج كما تقدم في قلعة دمشق‏.‏

ومنها الحجوبية والعادة أن يكون بها أربعة حجاب‏.‏

أحدهم مقدم ألف‏:‏ وهو حاجب الحجاب ويعبر عنه في ديوان الإنشاء بالأبواب الشريفة في المكاتبات وغيرها بأمير حاجب بحلب كحاجب الحجاب بدمشق وهو ثاني نائب السلطنة في الرتبة ولا يدخل أحد دار النيابة راكباً غير النائب وغيره وهو نائب الغيبة إذا خرج نائب السلطنة في مهم أو متصيد أو غير ذلك وإليه ترد المراسيم السلطانية بقبض نائب السلطنة إذا أراد السلطان القبض عليه ويكون هو المتصدي لحال البلد إلى أن يقام لها نائبٌ والثلاثة الباقون إما ثلاث طبلخانات أو طبلخانتان وعشرة وأما ما في معنى ذلك وولاية حاجب الحجاب والحاجب الثاني من الأبواب الشريفة السلطانية بغير تقليد ولا مرسوم ومن عداهما ولايته عن نائب حلب وفيها اثنان واحد بالميمنة وواحد بالميسرة فالذي في الميمنة في الغالب يكون أمير عشرة وربما كان أمير خمسة والذي بالميسرة جندي من أجناد الحلقة وولايتهما عن النائب كل منهما بتوقيع كريم‏.‏

ومنها شد الأوقاف وهي بها رتبةٌ جليلة أعلى من شد الأوقاف بدمشق وعادتها تقدمة ألف أو طبلخاناه تولى من الأبواب الشريفة بتوقيع شريف كذا أخبرني بعض أهلها ومتوليها يتحدث على سائر أوقاف المملكة الحلبية‏.‏

ومنها المهمندارية وموضوعها على ما تقدم في الديار المصرية ودمشق وبها اثنان‏:‏ فأحدهما تارة يكون أمير طبلخاناه وتارة يكون أمير عشرة والآخر جندي حلقة وولاية كل منهما بكل حال عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها شد الدواوين وموضوعها كما تقدم في الديار المصرية ودمشق وعادته إمرة عشرة وربما وليها جندي وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها شد مراكز البريد وموضوعها كما تقدم في دمشق وإعادتها إمرة عشرة وربما كان مقدم حلقة أو جندياً وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها ولاية المدينة وموضوعها التحدث في الشرطة كما تقدم في الديار المصرية ودمشق وعادتها إمرة عشرة وربما وليها مقدم حلقة وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها شد الأقواد وموضوعها التحدث على الأموال التي تساق قوداً من المملكة في كل سنة وعادتها إمرة عشرة وربما وليها مقدم حلقة وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

قلت‏:‏ وسائر وظائف الأمراء أرباب السيوف المستقر مثلهم بالحضرة السلطانية كرأس نوبة وأمير مجلس ومن في معناهما ممن يجري هذا المجرى المختص بالنائب يكون له مثلها من أجناده لقيامه مقام السلطان هناك كما تقدم في دمشق‏.‏

وأما الوظائف الديوانية بها لأرباب الأقلام‏:‏ فمنها - الوزارة - ويعبر عنها في ديوان الإنشاء بالأبواب الشريفة بنظر المملكة ليس إلا ولا يصرح له باسم الوزارة بحال وإن كان الجاري على ألسنة العامة تلقيب متوليها بالوزير ولم تجر العادة بأن يتولاها إلا أرباب الأقلام وولايتها من الأبواب الشريفة السلطانية بتوقيع شريف ولديوان هذا النظر عدة مباشرين أتباعٌ لناظرها كصاحب الديوان والمستوفي والكتاب والشهود وسائر فروع الوزارة والنائب يولي كلاً من هؤلاء المباشرين بتواقيع كريمة‏.‏

ومنها كتابة السر ويعبر عن متوليها في ديوان الإنشاء بالأبواب الشريفة بصاحب ديوان المكاتبات بحلب ولا يسمح له بصاحب ديوان الإنشاء بحلب كما في دمشق وولايته من الأبواب الشريفة بتوقيع شريف وبديوانه كتاب الدست وكتاب الدرج كما في دمشق والديار المصرية‏.‏

ومنها نظر الجيش والحكم فيه كما تقدم في دمشق من كتابة المربعات بما يعينه النائب من الإقطاعات وتجهيزها للأبواب الشريفة لتشمل بالخط الشريف وتخلد شاهداً بديوان الجيوش بالديار المصرية وكذلك إثبات ما يصدر إليه من المناشير من الأبواب الشريفة وولايته من الأبواب الشريفة‏.‏

ومنها نظر المال وهو بمعنى الوزارة كما في دمشق إلا أنه لا يطلق على متوليه وزير البتة وولايته من الأبواب الشريفة بتوقيع شريف‏.‏

ولديوانه كتاب اتباعٌ له‏:‏ كصاحب الديوان والكتاب والشهود وغيرهم وولاية كل منهم عن النائب بتواقيع لهم كما في دمشق‏.‏

ومنها نظر الأوقاف وحكمها التحدث على الأوقاف بمدينة حلب وأعمالها كما في دمشق وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها نظر الجامع الكبير ومتوليها يكون رفيقاً للنائب في التحدث فيه وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها نظر البيمارستان وقد تقدم في الكلام على مدينة حلب أن بها بيمارستانين أحدهما يعرف بالعتيق والآخر بالجديد ولكل منهما ناظر يخصه وولاية كل منهما عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها نظر الأقواد ومتوليها يكون رفيقاً لشاد الأقواد المتقدم ذكره في أرباب السيوف وولايته عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

الصنف الثاني الوظائف الدينية فمنها القضاء وبها أربعة قضاة من المذاهب الأربعة كما في دمشق إلا أن استقرار الأربعة بها كان بعد استقرارها بدمشق وولاية كل منهم من الأبواب الشريفة بتوقيع شريف‏.‏

ويختص الشافعي منهم بعموم تولية النواب بالمدينة وجميع أعمالها ويقتصر من عداه على التولية في المدينة خاصة كما تقدم في دمشق والديار المصرية‏.‏

ومنها قضاء العسكر وبها قاضيا عسكر‏:‏ شافعي وحنفي كما في دمشق وولايتها من الأبواب الشريفة ويكتب لكل منهما توقيع شريف‏.‏

ومنها إفتاء العدل وبها اثنان أيضاً‏:‏ شافعي وحنفي كما في دمشق وولاية كل منهما عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها وكالة بيت المال وولايتها من الأبواب الشريفة بتوقيع شريف ووكالته عن السلطان بمصر ومنها نقابة الأشراف والأمر فيها على ما تقدم في دمشق والديار المصرية وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها مشيخة الشيوخ والحكم فيها كما في دمشق وعادتها أن يكون متوليها هو شيخ الخانقاه المعروفة بالقديم وولايتها عن النائب بتوقيع كريم وربما كانت من الباب الشريف‏.‏

ومنها الحسبة وهي على ما تقدم في دمشق والديار المصرية وولايتها عن النائب بتوقيع كريم ومتوليها يولي نواب الحسبة بسائر الأعمال الحلبية‏.‏

ومنها الخطابة بالجامع الكبير وولايتها عن النائب بتوقيع كريم‏.‏

ومنها التداريس والتصادير المعدوقة بنظر النائب وولايتها بتواقيع كريمة على قدر مراتب أصحابها‏.‏

الصنف الثالث وظائف أرباب الصناعات فمنها رياسة الطب ورياسة الكحالين ورياسة الجرائحية كما في دمشق والديار المصرية وولاية كل منهم بتوقيع كريم عن النائب‏.‏

أما مهتارية البيوت ومن في معناهم فمفقودون هناك لفقد البيوت السلطانية وإنما مهتارية البيوت بها للنائب خاصةً لقيامه مقام السلطان بها كما في دمشق‏.‏

و أما ترتيب النيابة بها فعلى نحو ما تقدم في دمشق و عادة النائب بها أن يركب في الموكب في يومي الاثنين و الخميس من دار النيابة و يخرج من بابٍ يقال له باب القوس في وسط البلد على القرب من القلعة و يمر منه إلى سوق الخيل ويخرج من سور البلد من باب النيرب و يتوجه إلى مكان يعرف بالميدان و يعرف بالقبة أيضاً على القرب من المدينة بطريق القرية المعروفة بجبريل في جهة الجنوب عن المدينة ثم يعود من حيث ذهب و قد وقف الأمراء في انتظاره بسوق الخيل وآخر خيولهم إلى القلعة ورؤوس خيولهم إلى الجهة التي يعود منها أمراء الخمسات ثم أمراء العشرات و من في معناهم على ترتيب منازلهم ثم أمراء الطبلخانات ثم الأمراء المقدمون‏.‏

فإذا حاذى النائب في عوده أمراء الخمسات والعشرات في طريقه سلم وهو سائر فيسلمون عليه و هم وقوف في أمكنتهم لا يتحركون ولا يبرحون عنها‏.‏

فإذا حاذى أمراء الطبلخانات سلم عليهم فيتقدمون بخيولهم إليه نحو قصبتي قياس فيسلمون عليه ثم يعودون إلى أمكنتهم فيقفون فيها‏.‏

فإذا حاذى الأمراء المقدمين سلم عليهم فيفعلون كما فعل أمراء الطبلخانات من التقدم إليه و السلام عليه ثم يعودون إلى أمكنتهم ويمر النائب حتى ينتهي إلى آخر سوق الخيل فيعطف رأس فرسه و يقف مستقبلاً للجهة التي عاد منها في الجنوب و العسكر واقفون على حالهم و ينادى بينهم على العقارات من الأملاك و الضياع وكذلك الخيل والسلاح قدر خمس درج ثم يمر إلى دار النيابة‏:‏ فإن كان ذلك الموكب فيه سماط سار في خدمة إلى دار النيابة من كان معه في ركوب الموكب من الأمراء الأكابر و الأصاغر من الحجاب و غيرهم و يمر بباب القلعة و قد نزل نائب القلعة إلى بابها فوقف فيه مماليك في خدمته من الأجناد البحرية المقيمين بالقلعة فإذا مر بهم النائب سلم على نائب القلعة فيسلم عليه و يطلع نائب القلعة إلى قلعته ويمر النائب في طريقه إلى دار النيابة و يكون مماليك النائب قد ترجلوا على خيولهم ويترجل أمراء الخمسات والعشرات بعدهم ثم يترجل الطبلخانات على القرب من دار النيابة ثم الأمراء المقدمون على باب دار النيابة كل منهم على قدر منزلته ويستمر النائب راكباً حتى يأتي المقعد المذكور وهو مقعد مربع مرتفع عن الأرض عليه قبة مرتفعة ودرابزين من خشب دائر وفيه دكة من خشب صغيرةٌ في جانبه مرتفعةٌ عن المقعد قدر ذراع تسع جالساً فقط معدة لجلوس النائب فينز لا لنائب على باب من أبواب المقعد الثلاثة مخصوصٍ به ويجلس حاجب الحجاب على مصطبةٍ لطيفة أعلى السلم خارج الدرابزين معدةٍ لجلوسه عن يمين النائب ويكون القضاة الأربعة وقاضيا العسكر ومفتيا دار العدل وكاتب السر وكتاب الدست وناظر الجيش قد حضروا قبل حضور النائب وحاجب الحجاب وطلعوا من سلم مخصوص بهم وأخذوا مجالسهم وجلسوا في انتظار النائب فإذا حضر قاموا وجلسوا بجلوسه ويكون جلوسهم بترتيب خاص يوافق دمشق في بعض الأمور ويخالف في بعضها فيجلس عن يسار النائب قاضي القضاة الشافعي ويليه قاضي القضاة الحنفي ويليه قاضي القضاة المالكي ويليه قاضي القضاة الحنبلي ويليه قاضي العسكر الشافعي ويليه قاضي العسكر الحنفي ويليه مفتي دار العدل الشافعي ويليه دار العدل الحنفي ويليه الوزير صفاً مستقيماً ويجلس كاتب السر أمام النائب على القرب منه ويليه عن يمينه ناظر الجيش ويليه كتاب الدست على ترتيب منازلهم حتى يساووا في المقابلة الصف الذي فيه قضاء القضاة ومن معهم ويجلس باقي الموقعين بين الصفين مقابل حاجب الحجاب حتى يصلوهما فيصيرون كالحلقة المستديرة ويقف الحجاب الصغار أسفل السلم الذي يصعد منه وحاجب الحجاب ونقباء الجيش خلفهم والولاة خلف نقباء الجيش‏.‏

فإن كان الأمراء قد حضروا لأجل السماط جلس المقدمون والطبلخاناه على مصاطب معدة لهم على القرب من المقعد الذي يجلس فيه النائب ومن معه من أرباب الأقلام المتقدم ذكرهم وترفع القصص فيتناولها نقباء الجيش ويناولونها الحجاب فيناولونها لحاجب الحجاب فيناولها لكاتب السر فيفرقها على الموقعين ويبقي بعضها معه فيقرأ ما معه ثم يقرأ من بعده على الترتيب إلى آخر الموقعين‏.‏

فإذا انقضت قراءة القصص قام من المجلس القضاة ومن في معناهم وكتاب الدست فانصرفوا‏.‏

فإذا انقضى المجلس فإن كان في الموكب سماط قام النائب والأمراء من أماكن جلوسهم فدخلوا إلى قاعة عظيمة قد وضع بصدرها كرسي سلطنةٍ مغشىً بالحرير الأطلس الأصفر وعليه نمجاه مسندة إلى صدره كما تقدم في دمشق وقد مد السماط السلطاني فيجلس النائب على رأس السماط والأمراء على ترتيب منازلهم في الإمرة والقدمة ويأكلون ويرفع السماط ثم يقوم الأمراء فينصرفون ويقوم النائب ومعه كاتب السر وناظر الجيش فيدخل إلى قاعة صغيرة فيها شباك مطل على دوار بإصطبل النائب فيجلس في ذلك الشباك ويجلس كاتب السر وناظر الجيش فينصرفان‏.‏

قلت‏:‏ ويخالف دمشق في أمور‏:‏ أحدها أن كرسي السلطنة ليس بدار العدل حيث يجلس النائب والمتعممون كما في دمشق بل في مكان آخر‏.‏

الثاني أن الأمراء لا يجلسون مع النائب بدار العدل كما في دمشق بل في مكان منفرد‏.‏

الثالث أن النائب يجلس على دكة مرتفعة عن جلسائه بخلاف دمشق فإنه يجلس مساوياً لهم وكأن المعنى فيه جلوس الأمراء في مجلس النائب بحلب بخلاف دمشق‏.‏

الرابع أن الوزير بحلب يجلس في آخر صف القضاة ومن في معناهم تحت مفتيي دار العدل وبدمشق يجلس في رأس صف يقابل كاتب السر وكأن المعنى فيه أن كاتب السر بحلب يجلس أمام النائب فلو جلس الوزير فوقه لخالف قاعدة جلوس كاتب السر أو جلس تحته لكان نقصاً في رتبته‏.‏

ولا شك أنه يجلس فوقه القضاة ومن في معناهم لرفعة رتبة الشرع‏.‏

الخامس أن السماط بحلب لا يمد بدار العدل كما في دمشق بل في مكان آخر مخصوص‏.‏

السادس أن النائب بحلب له موضع مخصوص يجلس فيه للمحاكمات ومد السماط وفي دمشق يجلس على طرف الإيوان بدار العدل بعد رفع السماط منه‏.‏

الجملة الثالثة في ترتيب ما هو خارج عن حاضرة حلب وهو ثلاثة أنواع النوع الأول ولاة الأمور من أرباب السيوف وهو ثلاثة أصناف الصنف الأول النواب وهم على ضربين الضرب الأول ما هو داخل في حدود البلاد الشامية وهي إحدى عشرة نيابة الأولى - نيابة قلعة المسلمين المسماة في القديم بقلعة الروم - وعادة نائبها أن يكون مقدم ألف يولى من الأبواب السلطانية بمرسومٍ شريف‏.‏

الثانية - نيابة الكختا - ونيابتها تارة تكون طبلخاناه وتارة عشرة وتوليتها من نائب حلب‏.‏

الثالثة - نيابة كركر - ونيابتها تارة طبلخاناه وتارة عشرة وتوليتها من نائب حلب‏.‏

الرابعة - نيابة بهنسى - وقد ذكر في التثقيف ما يقتضي أن نيابتها طبلخاناه لكن أخبرني بعض كتاب السر بحلب أنها ربما كانت تقدمة ألف‏.‏

وقد ذكر في التعريف ما يقتضي ذلك فقال‏:‏ ولنائبها مكانة جليلةٌ وإن كان لا يلتحق بنائب البيرة وبكل حال فتوليتها من الأبواب السلطانية بمرسومٍ شريف‏.‏

الخامسة - نيابة عينتاب - وقد أوردها في التثقيف في جملة نيابات العشرات وذكر أنه رأى بخط ابن النشائي ما يقتضي أنها كانت طبلخاناه‏.‏

وقد أخبرني بعض كتاب سر حلب أنها استقرت تقدمة ألف في أواخر الدولة الظاهرية برقوق واستقرت توليتها من الأبواب السلطانية‏.‏

السادسة - نيابة الراوندان - وقد أوردها في التثقيف في جملة نيابات العشرات‏.‏

وقد اخبرني بعض كتاب السر بحلب أنها استقر بها آخراً جندي وتوليتها من نائب حلب‏.‏

السابعة - نيابة الدربساك - وقد أوردها في التثقيف في جملة العشرات‏.‏

وأخبرني بعض كتاب سر حلب أنها ربما أضيفت لنائب بغراس الآتي ذكرها وأنها الآن بيد ابن صاحب الباز التركماني وتوليتها من نائب حلب‏.‏

الثامنة - نيابة بغراس - وقد أوردها في التثقيف في جملة العشرات وولايتها من نائب حلب‏.‏

وهي بيد أولاد داود الشيباني التركماني من تقادم السنين وولايتها من نائب حلب‏.‏

التاسعة - نيابة القصير - وقد أوردها في التثقيف في جملة العشرات‏.‏

وأخبرني بعض كتاب العاشرة - نيابة الشغر وبكاس - وقد أوردها في التثقيف في جملة العشرات‏.‏

وقد أخبرت أنها استقر بها آخراً جندي وتوليتها من نائب حلب‏.‏

الحادية عشرة - نيابة شيزر - كانت في الزمن المتقدم إمرة عشرة يستقل نائب حلب بتوليتها فلما تسلطت عليها العربان بعد وقعة منطاش والناصري استقرت تقدمةً بولاية من الأبواب السلطانية بمرسوم شريف‏.‏